تبحث هذه الورقة في الخيارات الدستورية والسياسية المتاحة لتشكيل حكومة مؤقتة في السودان في ظل استمرار الحرب الأهلية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. تؤكد الورقة على وجود فراغ تنفيذي حاد يعاني منه المواطنون due to انهيار الخدمات الأساسية مثل الأمن، الصحة، التعليم، والمواصلات.
مشابه : خارطة الطريق نحو سياسة وطنية للتشغيل في السودان , دراسة حول الهجرة الدولية في السودان
اقرأ المزيد
النتائج الرئيسية:
- فراغ دستوري: لا توجد في الدساتير السودانية المتعاقبة، بما في ذلك الوثيقة الدستورية 2019 (التي عطلها انقلاب 2021)، نصوص واضحة تنظم إجراءات تشكيل حكومة مؤقتة في أوقات الأزمات.
- ضرورة التوافق السياسي: يشكل الانقسام السياسي والعسكري الحاد عقبة كبرى أمام تشكيل أي حكومة مؤقتة فعالة. لا يمكن نجاح أي نموذج دون اتفاق سياسي واسع بين الأطراف الفاعلة.
- الطريق الأمثل: الطريق الأكثر واقعية لتشكيل حكومة مدنية مؤقتة هو من خلال توقيع اتفاق سلام شامل يُحدد إطاراً دستورياً وقانونياً للمرحلة الانتقالية، ويرسم خارطة طريق للتحول الديمقراطي.
الفصل الأول: الأهداف والنطاق
- الخلفية: يتتبع التقرير جذور الأزمة إلى الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021، الذي أطاح بالحكومة الانتقالية الشرعية، وما تلاه من فشل للاتفاق الإطاري في ديسمبر 2022، مما أدى إلى اندلاع الحرب.
- الهدف: يهدف التقرير إلى تحليل الخيارات الدستورية لمعالجة الفراغ الوظيفي في السلطة التنفيذية، وتقديم نماذج مقارنة من تجارب دولية لتشكيل حكومات مؤقتة في ظل النزاعات.
- النطاق: يركز على مناقشة ستة نماذج رئيسية قد تنطبق على الحالة السودانية.
الفصل الثاني: المقدمة والسياق
- يشرح الفصل التركيبة المعقدة للطبقة الحاكمة قبل الحرب، والمكونة من ثلاث فئات: مؤيدو الفريق أول البرهان، مؤيدو الفريق أول دقلو، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام.
- يؤكد أن الحرب اندلعت من داخل هذا التحالف الحاكم، مما تسبب في انقسام عمودي في مؤسسات الدولة وشللها بالكامل.
- يشير إلى أن الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا قد تتردد في قبول أي ترتيبات جديدة تخاطر بخسارة المكاسب التي حصلت عليها بموجب الاتفاق.
الفصل الثالث: الإطار القانوني والسياسي
يحلل هذا الفصل المحددات التي تحكم إمكانية تشكيل حكومة مؤقتة:
- المحددات القانونية والدستورية:
- الوثيقة الدستورية 2019: لا تحتوي على أحكام لتشكيل حكومة مؤقتة، كما أن معظم أحكامها معطلة منذ انقلاب 2021.
- اتفاقية جوبا للسلام (2020): تنظم تقاسم السلطة وتحدد حصصاً للحركات المسلحة في مؤسسات الحكم. يشكل مصير هذه الاتفاقية تحدياً قانونياً وسياسياً لأي حكومة مستقبلية.
- نظرية الظروف الاستثنائية: تبرر نظرية “الضرورة” في القانون الدستوري اتخاذ إجراءات استثنائية، بما في ذلك تشكيل حكومة مؤقتة، لمواجهة الأخطار المحدقة بالدولة. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه الإجراءات خاضعة للرقابة لضمان عدم إساءة استخدام السلطة.
- المحددات الأمنية والسياسية:
- استمرار الأعمال الحربية وانهيار الأمن يجعل من الصعب على أي حكومة العمل أو التواصل مع المواطنين.
- يشدد التقرير على أن تشكيل حكومة مؤقتة فعالة يتطلب مسبقاً اتفاقاً سياسياً وأمنياً واسعاً يحدد ترتيبات وقف إطلاق النار وآليات الانتقال.
الفصل الرابع: خيارات تشكيل حكومة مؤقتة (النماذج الستة)
- حكومة الطوارئ:
- الوصف: حكومة شرعية تشكل بموجب الدستور في أوقات الكوارث أو الحرب، وتتمتع بصلاحيات استثنائية لمواجهة الظروف الطارئة.
- التطبيق في السودان: غير قابل للتطبيق بسبب غياب الإطار الدستوري الفعال وعدم شرعية السلطة الحالية (الانقلابية). أي حكومة يشكلها الطرف العسكري ستكون “حكومة حرب” وليست حكومة طوارئ مدنية مستقلة.
- حكومة تصريف الأعمال:
- الوصف: حكومة مؤقتة ذات صلاحيات محدودة (تسيير الشؤون الروتينية فقط) تشكل في الأنظمة الديمقراطية بعد استقالة الحكومة أو حل البرلمان.
- التطبيق في السودان: غير قابل للتطبيق لأنه يفترض وجود نظام ديمقراطي وحكومة قائمة سابقة. النموذج لا ينطبق على تشكيل حكومة جديدة من كفاءات خارج النظام الحالي.
- حكومة الوفاق الوطني:
- الوصف: حكومة توافقية تشكل بعد اتفاق سياسي شامل بين الأطراف المتنازعة، غالباً بوساطة دولية، لتجاوز أزمة سياسية (كما في ليبيا بعد اتفاق الصخيرات).
- التطبيق في السودان: قابل للتطبيق بشروط. يتطلب توافقاً سياسياً واسعاً واتفاقاً على خارطة طريق انتقالية. نجاحه مرهون بالإرادة السياسية للأطراف وبدعم دولي.
- حكومة المنفى:
- الوصف: حكومة تشكل خارج البلاد من قبل قيادات الحكومة الشرعية السابقة التي أطيح بها (كما في حالة ميانمار). تهدف إلى نزع الشرعية عن السلطة الانقلابية وكسب الاعتراف الدولي.
- التطبيق في السودان: نظرياً ممكن. كان بإمكان رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك تشكيل حكومة منفى بعد انقلاب 2021. لكن نجاحها يتوقف على درجة القبول الشعبي والدولي، وهو أمر غير مضمون في السياق السوداني الحالي.
- حكومة الظل:
- الوصف: هيئة معارضة في الأنظمة الديمقراطية (مثل نظام وستمنستر البريطاني) تتكون من حزب المعارضة لمراقبة أداء الحكومة الفعلية واقتراح بدائل. هي ليست حكومة حقيقية.
- التطبيق في السودان: غير قابل للتطبيق. النموذج لا يعالج مشكلة الفراغ التنفيذي وهو مرتبط بوجود نظام برلماني ديمقراطي يعمل.
- الحكومة المشكلة بقرار أممي (نموذج كوسوفو):
- الوصف: تشكيل حكومة أو إدارة مؤقتة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لصيانة السلم والأمن الدوليين، كما حدث في كوسوفو بقرار مجلس الأمن رقم 1244.
- التطبيق في السودان: صعب ولكنه ممكن. يتطلب تصعيداً دولياً واعتبار الأزمة تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وقراراً جديداً من مجلس الأمن لتوسيع مهام بعثة الأمم المتحدة في السودان (UNITAMS). التجربة مكلفة وتحتاج إرادة سياسية دولية قوية.
الفصل الخامس: النتائج والتوصيات
- النتائج:
- الفراغ الدستوري والانقسام السياسي يجعلان تشكيل حكومة مدنية مستقلة أثناء الحرب مهمة بالغة الصعوبة.
- أي حكومة تشكل دون توافق ستكون بالضرورة تابعة لأحد الأطراف المتحاربة.
- تشكيل حكومات متعددة في مناطق سيطرة الجيوش المتحاربة سيؤدي إلى تفكك الدولة ويزيد الأزمة تعقيداً.
- التوصيات:
- التوصل إلى اتفاق سلام شامل: هو السبيل الوحيد والعملي لتأسيس إطار قانوني وتوافقي لتشكيل حكومة مؤقتة مدنية فاعلة لما بعد الحرب.
- إشراك جميع الفئات المجتمعية: يجب أن يشمل التوافق السياسي لجان المقاومة، النازحين، اللاجئين، النساء، والشباب لضمان شرعية وتمثيل الحكومة المؤقتة.
- الالتزام بوقف إطلاق النار: على الأطراف العسكرية الالتزام بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين ودعم الحكومة المؤقتة.
- دور المجتمع الدولي: يجب على المجتمع الدولي دعم عملية التوافق السياسي برعاية مستقلة ونزيهة، ومراقبة تنفيذ أي اتفاق يبرم.
- إنشاء هيئة رقابية: ضرورة إنشاء آلية رقابية مستقلة لمراقبة أداء الحكومة المؤقتة الناشئة وضمان شفافيتها ومسؤوليتها.
الخلاصة النهائية:
يخلص التقرير إلى أن تشكيل حكومة مؤقتة مستقلة وفعالة في السودان أثناء الحرب هو تحدٍ هائل. لا يمكن تجاوز هذا التحدي إلا من خلال توافق سياسي واسع يفضي إلى اتفاق سلام شامل، يكون بمنزلة الإطار القانوني والسياسي المؤقت الذي يسمح بإنشاء حكومة انتقالية تقود البلاد نحو الديمقراطية والسلام المستدام.