6 ديسمبر، 2025 4:38 ص
أزمة المواطنة في السودان في ظل التوازنات بين الدولة والقبيلة PDF Download – Milaff.com
أزمة المواطنة في السودان في ظل التوازنات بين الدولة والقبيلة

– المؤلف: مجيد طالب

تبحث هذه الرسالة في جذور وأبعاد أزمة المواطنة في السودان، مجادلة بأن هذه الأزمة هي نتاج مباشر للفشل المستمر للدولة السودانية في بناء هوية وطنية جامعة، وفي إدارة التنوع الإثني والثقافي الهائل للبلاد. تتفاعل هذه الإخفاقات مع استمرار وهيمنة البنى القبلية التي تملأ الفراغ الذي تركته الدولة، مما يخلق توازنات صعبة وتجاذبات مستمرة بين سلطة الدولة المركزية وسلطة القبيلة. تنتج عن هذه الديناميكية صراعات متعددة، وضعف في الانتماء الوطني، وأخيراً، أزمة عميقة في مفهوم وممارسة المواطنة.

مشابه : الحرب الدائرة في السودان وآثارها 

اقرأ المزيد

الإطار النظري والمنهجي:
تعتمد الدراسة على مقاربات متعددة، أهمها المقاربة السوسيولوجية لفهم دور الجماعات، والمقاربة المتعددة المستويات لتحليل التفاعل بين العوامل الداخلية والخارجية، ونظرية “دولة سياسة البطون” لتحليل كيفية احتكار النخب للموارد عبر جهاز الدولة. كما تستخدم منهج دراسة الحالة (السودان) والمنهج الوصفي التحليلي.

التحليل والنتائج الرئيسية:

  1. البنية الاجتماعية الهشة: يؤكد الفصل الأول على أن السودان يتمتع بتنوع إثني ولغوي وديني هائل (أكثر من 500 مجموعة قبلية). ومع أن هذا التنوع يمكن أن يكون مصدر ثراء، إلا أن السياسات الحكومية المتعاقبة، بدءاً من الاستعمار، عملت على استغلاله وإدارته بشكل خاطئ، مما أدى إلى تغذية النزاعات بدلاً من تعزيز الاندماج الوطني.
  2. فشل بناء الدولة والمؤسسات: يكشف التحليل أن مؤسسات الدولة السودانية (السياسية، الدستورية، الاقتصادية) ظلت هشة وغير قادرة على تأدية دورها. فالنظام السياسي يتسم بالمركزية الشديدة والاستبداد، والأحزاب سياسية متحزبة وضعيفة، والمجتمع المدني تم تسييسه أو تقييده. كما أن الاقتصاد يعاني من الاختلالات وعدم العدالة في توزيع الثروة، خاصة مع ظهور النفط.
  3. التجاذب التاريخي بين الدولة والقبيلة: يبين الفصل الثاني أن القبيلة كانت ولا تزال فاعلاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً رئيسياً في السودان. لقد فشلت الدولة في “تحطيم دعائم المجتمع القبلي” أو استيعابه بشكل كامل. بدلاً من ذلك، غالباً ما لجأت النخب الحاكمة إلى توظيف القبيلة وتسييسها لضمان بقائها في السلطة، مما عمق من الانقسامات وأضعف الولاء للدولة.
  4. مظاهر أزمة المواطنة: تبرز أزمة المواطنة في:
    • تقدم الولاء القبلي والإثني على الولاء الوطني.
    • التمييز وعدم المساواة في الحقوق والواجبات بين مختلف الجماعات.
    • الاستبعاد السياسي والاقتصادي للمناطق الطرفية (مثل دارفور وجنوب السودان).
    • تفشي الصراعات كتعبير عن غياب العدالة والمواطنة المتساوية (أزمات دارفور، جنوب السودان، أبيي).

الخاتمة والتوصيات:

تخلص الرسالة إلى أن أزمة المواطنة في السودان هي محصلة لفشل الدولة في بناء مشروع وطني شامل وقادر على استيعاب تنوعها. لمعالجة هذه الأزمة، تقترح الدراسة جملة من المتطلبات، أهمها:

  • تبني هندسة سياسية جديدة تقوم على الديمقراطية الحقيقية واللامركزية العادلة.
  • إقرار دستور دائم يعترف بالتعددية ويضمن المساواة الكاملة بين جميع المواطنين.
  • تحقيق تنمية متوازنة وعادلة تغطي جميع أرجاء السودان.
  • بناء مؤسسات دولة قوية ومستقلة وقادرة على فرض القانون وتقديم الخدمات.
  • ترسيخ ثقافة المواطنة based on الحقوق والواجبات المتساوية، بدلاً من الانتماءات الأولية (القبلية، الطائفية، الإثنية).

باختصار، تقدم هذه الرسالة تحليلاً شاملاً لأزمة السودان المركزية، مشيرة إلى أن حل هذه الأزمة لا يكمن في القمع أو الإنكار، بل في الاعتراف بالتنوع وإدارته بشكل ديمقراطي وعادل يضمن المواطنة الكاملة للجميع.

ذات صلة

إبلاغ عن مشكلة